احتجاجات جيل Z تكشف أزمة التأطير السياسي وتضع السلطة أمام تحدي الإصلاح

احتجاجات جيل Z تكشف أزمة التأطير السياسي وتضع السلطة أمام تحدي الإصلاح
. أنوار العسري
شهدت عدد من المدن المغربية، مساء السبت، من بينها الرباط والدار البيضاء وطنجة ومراكش، خروج مواطنين وخصوصًا من فئة الشباب، في وقفات ومسيرات احتجاجية رفعت شعارات اجتماعية تطالب بتحسين قطاعي الصحة والتعليم، وضمان الكرامة والعدالة الاجتماعية.
ورغم طابعها السلمي المعلن، عرفت بعض هذه الوقفات تدخلات أمنية لتفريق المشاركين، وهو ما خلف حالة من التوتر وطرح تساؤلات حول كيفية تدبير الدولة للاحتجاجات وضمان الحق الدستوري في التظاهر السلمي.
جيل جديد في الشارع… غياب التأطير وارتباك الوساطةالاحتجاجات الأخيرة أظهرت ملامح أزمة عميقة في الوساطة السياسية، إذ وجد شباب ما بات يُعرف بـ”جيل Z” نفسه في مواجهة مباشرة مع السلطات، في ظل غياب واضح لدور الأحزاب والنقابات وهيئات المجتمع المدني التي كان من المفترض أن تضطلع بمهمة التأطير والتوجيه.
فالأحزاب السياسية، التي تستفيد من دعم عمومي لتعزيز قدراتها، اكتفت في معظمها بأدوار انتخابية ظرفية، ما أفقدها مصداقيتها وجعل الشارع المتنفس الوحيد للتعبير عن الغضب الاجتماعي. هذا الفراغ ترك شبابًا متعطشًا للمعنى والمشروع والانتماء، دون قيادة أو خطاب جامع.
بين الحق الدستوري وضبط النفس
الدستور المغربي يكفل في فصوله حرية الاجتماع والتظاهر السلمي، ويمنع أي مس بالسلامة الجسدية أو المعنوية للمواطنين. وفي ظل التطورات الأخيرة، يبرز مطلب ضبط النفس والابتعاد عن أي انزلاق قد يهدد السلم الاجتماعي، مع التأكيد على أن معالجة الأوضاع لا يمكن أن تتم عبر المقاربة الأمنية وحدها، بل عبر إصلاحات حقيقية تلبي مطالب المواطنين.
الرهان اليوم، كما يرى متتبعون، هو إعادة الاعتبار للعمل السياسي والحزبي المسؤول، ليكون صلة وصل حقيقية بين الدولة والمجتمع، بدل ترك الشارع مفتوحًا على كل الاحتمالات. فالمغرب في حاجة إلى مؤسسات وسيطة قادرة على تحويل المطالب الاجتماعية إلى مشاريع سياسية قابلة للتنفيذ، بما يضمن الاستقرار ويستجيب لتطلعات جيل جديد يبحث عن الأمل والعدالة والكرامة.