العرائش : التهميش والعبت

العرائش : التهميش والعبت
العرائش أو اللكسوس هي من المدن الشاطئية الشاهدة على عراقة الحضارة الإسلامية والتاريخ المغربي، والتي ذاع صيتها عالميًا، وكتبت حولها مؤلفات ترجمت إلى عدة لغات ( “أعطوني العرائش و خذوا إفريقيا كلها “)
لا يحتاج الزائر لمدينة العرائش إلى دليل للوصول إليها فبعد قطع بضع كيلومترات من مدينة طنجة جنوبا وقد تستغرق نحو ساعة من الزمن، ستجد أمامك سافلة حوض اللكوس الممتد على طول الطريق يحدها من اليمين موقع ليكسوس الأثري الشاهد على عبق التاريخ حيت يلتقي مياه الوادي بمياه البحر الأطلسي .
إنها مدينة الأولياء والزوايا والتاريخ العريق ( جبل العلم – قطب مولاي عبدالسلام بن مشيش ، الشرفاء العلميين ؛ لالة منانة المصباحية وغيرهم )… حيث انتصر سكانها بعزيمة وإصرار على المستعمر الإسباني في فترة وجيزة. ومع ذلك، فإن الفقر والتهميش قد زحفا على المدينة ولازال فتحولت معالمها التاريخية إلى أطلال مهملة، وعجزت إدارتها عن انتشالها من هذا الوضع المزري، مما جعلها تبدو كما يقول أهلها “مدينة منكوبة”
ولا يختلف اثنان على أن العرائش كانت ذات ماضٍ مشرق ورفيع، أفضل بكثير من حاضرها الذي بات يرزح تحت وطأة التهميش والفقر، في غياب تام لأي مظاهر للتقدم أو التمدن. فلا وجود لبنية تحتية كافية من مرافق عامة، ولا مشاريع تنموية توفر فرص العمل أو الترفيه، ولا وسائل نقل متطورة، فضلًا عن انعدام التسويق لمعالمها التاريخية.
1 – مدينة المشاريع المتوقفة.
تلك الحاضرة التاريخية التي تعاني من التهميش والإقصاء دفعت العشرات من أبنائها، رجالاً ونساءًا الخروج منها إلى مدن أخرى إما بحكم عملهم أو لأسباب أخرى لتصبح هاته المدينة وللأسف في زمن كان ؟؟
ومن المعلوم أيضا أن جل العرائشيين والعرائشيات يتحدتون بمرارة عن الوضع التي آلت إليها هذه المدينة العريقة من بنية تحتية متهالكة ومستشفى إقليمي واحد يتوافدون عليه مختلف الجماعات الترابية التابعة للإقليم فضلا عن مشكل التوسع الصفيحي في جنبات الأحياء التي أصبحت نقطة سوداء إظافة إلى مشكل النقل الحضري .. إن حالة العرائش باتت مؤسفة جدًا، مشيرًا إلى أن كل زائر للمدينة، والتي تربط بين طنجة والقنيطرة يتساءل عن استمرار الصمت تجاه هذه الأوضاع “المزرية”.
إن هاته الأوضاع التي تعيشها اللكسوس لم تعد مقبولة لدى سكانها أو في زمننا الحالي، متحديّا أي مسؤول ليصرح بأن أحد المشاريع التي بدأت في العرائش قد اكتمل بما في ذلك مشروع مدينة العرائش بدون صفيح في أفق 2008 ومشروع إعادة هيكلة المدينة العتيقة .
هي إذن مجموعة من المشاريع المتوقفة حولت العرائش إلى مدينة شبه مدمرة، بحسب ما ذكره الفاعلون الجمعويون بحيث أصبحت المدينة تعاني من دمار شامل على المستويات التجهيزية، الاقتصادية، الاجتماعية، العمرانية، وكذلك على مستوى المرافق الحيوية.
2- مآثر طالها الإهمال .
مدينة التصوف والأولياء، التي تلاقت فيها آثار التاريخ الموريسكي مع معالم التاريخ الإسلامي، إضافة إلى مكوناتها الطبيعية التي تتجلى في نهر وادي اللكوس والمحيط الأطلسي وغابة اللامبيكا وشاطئ رأس الرمل وغيرها الكتير، لا تستغلها السلطات سياحيًا لتنمية المدينة. ولعل من أبرز المعالم التاريخية في العرائش نجد المدينة العتيقة أو مايسمونها العرائشيون بسوق الصغير فوصلت إلى مستوى كارتي من منازل آيلة للسقوط وإنعدام قنوات الصرف الصحي وتشويه معالمها وزد على ذلك … دون أن تتحرك الجهات المسؤولة لإصلاحها وترميمها والمحافظة عليها من خلال أخد النموذج من مدن أخرى مثل : الرباط ، مراكش ، فاس ، أصيلة ، تطوان إلخ … لتتحول العرائش إلى وجهة سياحية بامتياز و تُستغل في التسويق السياحي للمدينة،
3 – انسداد الأفق
توقف المشاريع وغياب رؤية واضحة أدى إلى ركود الوضع الاقتصادي في العرائش، مما أسفر عن مظاهر أخرى يعاني منها شباب المدينة. فخريجوها والمجازون يواجهون غياب فرص العمل، بينما اختار آخرون الهروب إلى قوارب الموت كوسيلة للتخلص من هذا الواقع القاسي حيث اصطدمو بعد تخرجهم بواقع مرير يتمثل في البطالة.وغياب الشركات والمصانع التي من شأنها استيعاب العاطلين عن العمل و ذلك راجع لضعف البرامج الحكوميةوعدم الترافع عن هاته المدينة داخل البرلمان ومؤسسات الدولة .
4 – تقاذف المسؤوليات
أمام هذا الواقع لمدينة العرائش “المدمر”، يجعلنا نتسائل وباستمرار أين يكمن الخلل ؟ هل المجلس يبذل مجهودات فعلا في تحسين هاته المشاكل ؟ أم هناك خلل في الميزانية ؟ أو غياب رؤية واضحة المعالم من مخططات وإستراتيجيات ؟ أو المسألة مرتبطة أساسا بالكفاءات الغير القادرة على تدبير هذه الأموال والمشاريع بمسؤولية اللازمة ؟.
18.03.2025
رشيد العمراني طالب جامعي سلك الماستر . تخصص السياسات العمومية والتنمية المجالية . جامعة القاضي عياض – مراكش –